في السنوات الأخيرة، انتشرت السجائر الإلكترونية بشكل لافت كبديل “صحي” للتدخين التقليدي. لكن ما الحقيقة وراء هذه الأجهزة؟ وهل تُعتبر آمنة بالفعل أم أنها مجرد موضة تحمل مخاطر غير مرئية؟ في هذا المقال، سنغوص في تفاصيل عالم vape لنفهم آليته وتأثيراته بعيدًا عن الإشاعات.
ما هي السجائر الإلكترونية؟
تُعرَّف السجائر الإلكترونية كأجهزة تعمل ببطارية تقوم بتسخين سائل خاص (يُسمى e-liquid) لتحويله إلى بخار يُستنشق. على عكس التدخين التقليدي، لا تُنتج هذه الأجهزة دخانًا ناتجًا عن الاحتراق، مما يجعلها أقل ضررًا نظريًا. لكن الدراسات الحديثة تشير إلى أن غياب الاحتراق لا يعني غياب السموم.
من المهم هنا التفريق بين أنواع vape، فبعضها مصمم للاستخدام لمرة واحدة، بينما أخرى قابلة لإعادة الشحن وتعديل جرعات النيكوتين. هذه المرونة جعلتها جذابة للشباب تحديدًا، مما رفع نسبة مستخدميها تحت سن 25 عامًا بنسبة 40% في المنطقة العربية خلال 2023.
كيف يعمل جهاز الفيب؟
يتكون جهاز vape الأساسي من:
-
خزان للسائل الإلكتروني.
-
ملف تسخين (coil) لتحويل السائل إلى بخار.
-
بطارية قابلة لإعادة الشحن.
عند الاستخدام، يقوم المستخدم بالضغط على زر التشغيل (أو بالنفخ مباشرة في بعض الموديلات)، فيُسخن الملف السائل الموجود في الخزان الذي يحتوي عادة على:
-
النيكوتين (بتركيزات مختلفة).
-
الجلسرين النباتي.
-
المنكهات الكيميائية.
-
البروبيلين جليكول.
هنا تكمن المشكلة: فحتى لو اختار المستخدم سائلًا خاليًا من النيكوتين، تظل المنكهات الصناعية مواد كيميائية لم تُدرس آثارها طويلة المدى على الرئتين.
هل السجائر الإلكترونية آمنة؟
يدعي مُصنعو السجائر الإلكترونية أنها تساعد في الإقلاع عن التدخين، لكن منظمة الصحة العالمية حذرت عام 2022 من استخدامها كوسيلة علاجية بسبب نقص الأدلة القاطعة. والأخطر أن 70% من مستخدمي vape (حسب دراسة أجرتها جامعة القاهرة) يدمجونها مع السجائر العادية، مما يضاعف تعرضهم للسموم.
من الناحية الصحية، رصد الأطباء حالات التهاب رئوي حاد مرتبطة باستنشاق الزيوت الموجودة في السوائل الإلكترونية، خاصة مع الاستخدام المكثف. كما أن النيكوتين السائل قد يكون سامًا إذا تعرض له الجلد أو تم ابتلاعه بالخطأ.
الحرب التسويقية الخفية
تُروج حملات vape عبر منصات مثل إنستغرام وتيك توك لصورتها كـ “بديل أنيق”، مستهدفة المراهقين بمنتجات ذات نكهات مثل “مانغو” و”آيس كريم”. هذه الاستراتيجية ليست بريئة: ففي الولايات المتحدة، رفعت 15 ولاية دعاوى قضائية ضد شركات السجائر الإلكترونية لتلاعبها بالشباب.
في العالم العربي، غياب التشريعات الصارمة سمح بانتشار عبوات غير مصرح بها تحتوي على نيكوتين بتركيزات أعلى من المسموح به في الاتحاد الأوروبي بنسبة 30%.
ما البدائل الحقيقية للإقلاع؟
إذا كنت تسعى للإقلاع عن التدخين، تعتمد أغلب البرامج الناجحة على:
-
العلاج ببدائل النيكوتين (لصقات، علكة).
-
الدعم النفسي عبر مجموعات متخصصة.
-
أدوية مثل فارينيكلين، بعد استشارة الطبيب.